فصل: المقصد الأول في المكاتبات المفردة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الطرف الثاني في المكاتبة إلى ولاة العهد بالخلافة:

أما على المصطلح القديم حين كانت المكاتبة إلى الخلفاء لفلان من فلان فقال في صناعة الكتاب: ويكون التصدير في المكاتبة إلى ولي العهد على ما تقدم في المكاتبة إلى الخلفاء مع تغيير الأسماء، غير أنه جعل الفرق بين الإمام وغيره ممن يكاتب بالتصدير أن يقال للإمام في التصدير مع السلام: وبركاته، في أول الكتاب وآخره. ومن سوى الإمام تحذف وبركاته من التصدير وتثبت في آخر الكتاب.
وقد تقدم أن التصدير إلى الخليفة حينئذ كان لعبد الله أبي فلان فلان أمير المؤمنين، سلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فإني أحمد إلى أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله. أما بعد، طال الله بقاء أمير المؤمنين إلى آخره، ويختم بقوله: والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
وحينئذ فتكون المكاتبة إلى ولي العهد على ما أشار إليه في صناعة الكتاب من الابتداء بالتصدير مع تغيير الأسماء: لعبد الله أبي فلان فلان ولي عهد المسلمين، سلام على ولي عهد المسلمين؛ فإني أحمد إليه الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم. أما بعد: أطال الله بقاء ولي العهد، ويختمه بقوله: والسلام على ولي عهد المسلمين ورحمة الله وبركاته. أو نحو ذلك.
وأما على المصطلح الذي حدث بعد ذلك، فقد ذكر المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه التعريف: أن رسم المكاتبة إلى ولي العهد بالخلافة: ضاعف الله تعالى جلال الجانب الشريف، المولوي، السيدي، النبوي، الفلاني؛ ثم الدعاء المعطوف. وأبدل في التثقيف لفظ الجانب بالجناب. والخطاب له بمولانا وسيدنا ولي العهد ونحو ذلك. والتعبير عن المكتوب عنه بـ الخادم يقبل العتبات الشريفة أو اليد الشريفة أو نحو ذلك. قال في التثقيف: والعلامة إليه الخادم والعنوان الجناب الشريف وبقية الألقاب المذكورة إلى آخرها.
قال: وهو أحسن من الجناب: لعدم اشتراك غيره معه فيه بخلاف الجناب. قال: وهذا أيضاً على عادة من تقدم من الملوك، أما في زماننا وقبله بمدة مديدة، فلم يتفق وجود ولي عهد للخلافة؛ وبتقدير وجوده فإذا لم يكن الخليفة يكاتب في هذا الأيام فكيف بولي عهده.
وهذه صدور مكاتبات إليه أوردها في التعريف: صدر: ضاعف الله تعالى جلال الجانب وأطلع مع وجود الشمس بدره التمام، وأحوج مع زاخر الحبر منه إلى مدد الغمام، وقدمه إماماً على الناس وأطال بقاء سيدنا أبيه الإمام؛ ولا عدم منه مع نظر والده الشريف جميل النظر، ولا برح صدر دسته العلي إذا غاب وثانيه إذا حضر؛ ولا زال الزمان مختالاً من جود وجودهما لا عرف الله الأنام قدره إلا بالزهر والثمر، ولا زاد فيض كرم إلا هو من كف أبيه فاض أو من وبله العميم انهمر.
الخادم يخدم تلك العتبات الباذخة الشرف، الناسخة بما وجده من الخير في تقبيلها قول من قال: لا خير في السرف. وينهي ولاء ما عقد على مثله ضمير، ولا انعقد شبيهه لولي عهد ولا أمير؛ وإخلاصه في انتماء أشرق منه على الجبين، وأشرف فرآه فرضاً عليه فيما نطق به القرآن ورقم في الكتاب المبين.
صدر آخر: أعز الله أنصار الجانب الشريف، ولا حجب منه سر ذلك الجلال، ولا معنى ذلك البدر المشرق منه في صورة الهلال، ولا فيض ذلك السحاب المشرع منه هذا المورد الزلال، ولا تلك المآثر االتي دل عليها منه كرم الخلال، ولا تلك الشجرة المفرعة ولا ما امتد منها به من الغصن الممتد الظلال، ولا ذلك الإمام الذي هو ولي عهده وهو أعظم من الاستقلال.
الخادم يقبل تلك اليد موفياً لها بعهده ومصفياً مها لورده ومضفياً منها جلابيب الشرف على عطفه، وحسبه فخاراً أن يدعى في ذلك المقام بعبده؛ ويترامى على تلك الأبواب، ويلثم ذلك الثرى ويرجو الثواب.
صدر آخر: ولا زالت عهود ولايته منصوصة، وإيالته بعموم المصالح مخصوصة، وصفوف جيوشه كالبنيان مرصوصة، وقوادم أعدائه بالحوالق محصوصة، وبدائع أنبائه فيما حلقت إليه دعوته الشريفة مقصوصة والوفود في أبوابه أجنحتها بالندى مبلولة مقصوصة.
الخادم يجدد بتلك الأعتاب خدمه، ويزاحم في تلك الرحاب، خدمه، ويقف في تلك الصفوف لا تنقل عن الطاعة قدمه، ويتمثل بين تلك الوقوف ويتميز عليهم إذا ذكر في السوابق قدمه؛ ويدلي بحجج سيوفه التي أشهرها، وصروفه التي لاقى أشهرها، ومواقفه التي ما أنكرها الديوان العزيز مذ أثبتها، ولا حط رماحها مذ أنبتها، ولا محا سطورها، مذ كتبها، ليغيظ الأعداء ولا يشفي صدورها، منذ كتبها؛ وينهي كذا وكذا.
صدر آخر: ولا زالت مواعيد الظفر له منصوصة، ورؤوس من كفر بطوارقه مرضوضة، وصحائف الأيام عما يسر به الزمان فيه مفضوضة، وجفون عداه ولو اتصلت بمقل النجوم مغضوضة، وطوارق الأعداء التي تجنهم منه بسيوفه معضوضة.
الخادم يخدم أرضه المقدسة بترامي قبله، وتقليب وجهه إلى قبله؛ ويتطوف بذلك الحرم، ويتطول من فواضل ذلك الكرم؛ ويتطوف بقلائد تلك المنن، وفرائد تلك المواهب التي إن لم تكن له وإلا فمن؛ فإنه، والله يشهد له، لا يعتقد بعد ولاء سيدنا ومولانا أمير المؤمنين، والقيم بأمور الدنيا والدين، عليه الصلاة والسلام، إلا ولاءها، ولا يؤمل بعد تلك الآلاء إلا آلاءها؛ ولا يرجو من غير هذه الشجرة المباركة لأمله إثماراً، ولا لليله إقماراً؛ ولا لأيامه حافظاً، ولا لحال إقدامه في قدم صدق ولائه لافظاً؛ قائماً في خدم هذه الدولة القاهرة يجهد في منافعها ويجد في كبت مدافعها ويدخر شفاعتها العظمى إذا جاءت كل أمة بشافعها، وينهي كذا وكذا.

.الطرف الثالث من المصطلح المستقر عليه الحال في المكاتبات الصادرة عن ملوك الديار المصرية إلى أهل المملكة من مصر والشام والحجاز:

وفيه ثلاثة مقاصد:

.المقصد الأول في المكاتبات المفردة:

وفيه مسلكان:

.المسلك الأول في بيان رتب المكاتبات ورتب أهلها:

وهي على ضربين:
الضرب الأول: المكاتبات إلى الملوك على ما كان عليه الحال في الزمن المتقدم مما لعله يعود مثله:
وهي الدعاء للمقام وفيه مكاتبتان الأولى- المكاتبة إلى ولي العهد بالسلطنة وهي على ما ذكره في التثقيف: أعز الله تعالى أنصار المقام العالي، الملكي، الفلاني، الأخوي، أو الولدي، إن كان أخاً أو ولداً. ثم الدعاء اللائق به، ثم يقال: أصدرناها إلى المقام العالي ويطالع علمه الشريف والعلامة أخوه سواء كان أخاً أو غير أخ، ووالده إن كان والداً. ولم يذكر تعريفه، والذي يظهر أنه يكتب له ولي العهد بالسلطنة الشريفة. ولم يذكر قطع الورق لهذه المكاتبة، والذي يظهر أنه في قطع العادة على قاعدة المكاتبات إلى أهل المملكة. قال في التثقيف: ولعل هذه المكاتبة نظير ما كتب به إلى الملك الصالح علاء الدين علي ولد المنصور قلاوون: فإنه كان ولي عهد أبيه المذكور، توفي في حياته. ثم قال: ورأيت أمثلة كثيرة صدرت عنه بخلاص الحقوق، وعلامته عليها علي بن قلاوون.
الثانية- المكاتبة إلى صاحب حماة من بقايا الملوك الأيوبية قبل مصيرها نيابة، وآخر من كان منهم في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون الملك الأفضل ناصر الدين محمد بن الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل، لما صارت إليه بعد أبيه المذكور.
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التثقيف في قطع العادة: أعز الله تعالى أنصار المقام الشريف، العالي، السلطاني، الملكي، الأفضلي، الناصري، ونحوهما. ثم الدعاء، وبعده أصدرناها إلى المقام الشريف والعلامة أخوه وتعريفه صاحب حماة. قال في التثقيف: ولم يزل الحال على ذلك إلى أن عزل عنها الأفضل المشار إليه بعد الأيام الشهيدية الملك الصالح عماد اليد إسماعيل ابن السلطان الشهيد الناصر محمد بن قلاوون، واستقر بها بعده نائباً الأمير طغاي الحموي أمير مجلس كان، فبقيت نيابة بعده إلى الآن.
الضرب الثاني: المكاتبات إلى من عدا الملوك من أرباب السيوف والأقلام وغيرهم ممن جرت العادة بمكاتبته:
وفيه مهيعان:
المهيع الأول في رتب المكاتبات:
وهي على عشر درجات:
الدرجة الأولى: الدعاء للمقر:
وصورت على ما ذكره في التثقيف: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم، العالي، المولوي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، الزعيمي، العوني، الغياثي، المثاغري، المرابطي، الممهدي، المشيدي، الظهيري، العابدي، الناسكي، الأتابكي، الكفيلي، الفلاني؛ معز الإسلام والمسلمين، سيد أمراء العالمين، ناصر الغزاة والمجاهدين، ملجئ الفقراء والمساكين، زعيم جيوش الموحدين، أتابك العساكر، ممهد الدول، مشيد الممالك، عماد الملة، عون الأمة، ظهير الملوك والسلاطين، عضد أمير المؤمنين. ثم الدعاء المعطوف والتصدير المناسب: مثل أن يقال: ولا زال عزمه مؤيداً، وعزه مؤبداً، وسعده على ممر الجديدين مجدداً؛ أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام أتمه، ومن الثناء أعمه ثم يقال: وتبدي لعلمه الكريم كذا وكذا، ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره الكريم بكذا وكذا، فيحيط علمه الكريم بذلك، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
الدرجة الثانية: الدعاء للجناب الكريم:
وصورته على ما أورده في التثقيف عما استقر عليه الحال أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم، العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، الزعيمي، العوني، الغياثي، المثارغري، المرابطي، الممهدي، المشيدي، الظهيري، الكافلي، الفلاني؛ عز الإسلام والمسلمين، سيف الأمراء في العالمين، نصرة الغزاة والمجاهدين، زعيم جيوش الموحدين، سيف أمير المؤمين ثم الدعاء والتصدير المناسب، مثل أن يقال: ولا زالت عزائمه مؤيدة، وأوامره السعيدة مسددة؛ صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً طيباً، وثناء مطنباً؛ وتوضح لعلمه الكريم كذا. ومرسومنا للجناب الكريم أن يتقدم أمره الكريم بكذا وكذا؛ فيحيط علمه الكريم بذلك، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
قلت: والذي في التعريف أعز الله تعالى أنصار الجناب الكريم، بإبدال نصرة بأنصار؛ واختلاف بعض الألقاب المتقدمة.
الدرجة الثالثة: الدعاء للجناب العالي بمضاعفة النعمة:
وصورته على ما في التثقيف ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الأمير، الكبيري، العالمي، المؤيدي، العوني، الزعيمي، الممهدي، المشيدي، الظهيري، الكافلي، الفالني؛ عز الإسلام والمسلمين، سيف الأمراء في العالمين، نصرة الغزاة والمجاهدين، زعيم جيوش الموحدين، مقدم العساكر، ممهد الدول، مشيد الممالك، عماد الملة، عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين، سيف أمير المؤمنين ثم الدعاء والتصدير المناسب، مثل: ولا زال قدره عالياً، ومدحه متوالياً، وجيد الدهر بمحاسنه حالياً؛ وتوضح لعلمه الكريم كذا؛ ومرسومنا للجناب العلي أن يتقدم أمره الكريم بكذا؛ فيحيط علمه بذلك، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
الدرجة الرابعة: الدعاء للجناب العالي بدوام النعمة:
وصورتها على ما أورده في التثقيف: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، الأوحدي، النصيري، العوني، الهمامي، المقدمي، الظهيري، الفلاني، عز الإسلام والمسلمين، سيد الأمراء في العالمين، نصرة الغزاة والمجاهدين، مقدم العساكر، كهف الملة، ذخر الدولة، عماد المملكة، ظهير الملوك والسلاطين، حسام أمير المؤمنين والدعاء والتصدير المناسب، مثل أن يقال: ولا زال قدره رفيعاً، وعزه منيعاً، ومريعاً. صدرت هذه المكاتبة إلى الجانب العالي تهدي إليه سلاماً طيباً، وثناء صيباً ثم يقال: وتوضح لعلمه المبارك كذا، فيحيط علم الكريم بذلك؛ والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
الدرجة الخامسة: الدعاء للمجلس بدوام النعمة:
ورسمها: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، المجاهدي، المؤيدي، العوني، الأوحدي، النصيري، الهمامي، المقدمي، الظهيري، الفلاني؛ عز الإسلام والمسلمين، سيد الأمراء في العالمين، نصرة الغزاة والمجاهدين، مقدم العساكر، كهف الملة، ظهير الملوك والسلاطين، حسام أمير المؤمنين ثم الدعاء والتصدير المناسبن مثل: ولا زال عالياً قدره، نافذاً أمره، جارياً على الألسنة حمده وشكره. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي له سلاماً، وثناء بساماً ثم يقال: وتوضح لعلمه المبارك كذا. ومرسومنا للمجلس العالي أن يتقدم أمره المبارك بكذا، فيحيط علمه بذلك، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
الدرجة السادسة: صدرت والعالي ويعبر عنها بالسامي بالياء:
وصورتها على ما في التثقيف: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي، الأميري، الكبيري، العضدي، الذخري، النصيري، الأوحدي، الغوني، الهمامي، المقدمي، الظهيري، الفلاني؛ مجد الإسلام والمسلمين، شرف الأمراء المقدمين، نصرة الغزاة والمجاهدين، مقدم العساكر، ذخر الدولة، كهف الملة؛ ظهير الملوك والسلاطين ثم الدعاء المناسب، مثل: أدام الله سعادته، وأجزل من الخير بره وإفادته، موضحة لعلمه المبارك كذا؛ ومرسومنا للمجلس العالي أن يتقدم بكذا، فيحيط علمه بذلك، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
الدرجة السابعة: صدرت والسامي ويعبر عنها بالسامي بغير ياء:
وصورتها: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، الأميري، الأجلي، الكبيري، العضدي، الذخري، النصيري، الأوحدي، الفلاني؛ مجد الإسلام، بهاء الأنام، شرف الأمراء، زين المجاهدين، عضد الملوك والسلاطين ثم الدعاء مثل: أدام الله سعادته، وأجزل من الخير عادته؛ تتضمن إعلامه كذا، ومرسومنا للمجلس السامي أن يتقدم بكذا، فليعلم ذلك ويعتمده، والله الموفق بمنه وكرمه.
الدرجة الثامنة: يعلم مجلس الأمير، الأجل، الكبير، الغازي، المجاهد، المؤيد؛ فلان الدين، مجد الإسلام، بهاء الأنام، شرف الأمراء، زين المجاهدين، عدة الملوك والسلاطين والدعاء، مثل: أدام الله سعده، وأنجح قصده؛ أن الأمر كذا؛ ومرسومنا له أن يتقدم بكذا، فليعلم ذلك ويعتمده، والله الموفق بمنه وكرمه.
قلت: وقد تقدم في أول المكاتبات أنه يتعين أن يكون الدعاء للمكتوب إليه مناسباً للحال، مثل أن يكون موافقاً لاسم المكتوب إليه أو لقبه أو ظيفته، أو محل نيابته، أو الأمر المكتوب بسببه: من استطلاع أمر، واسترهاف عزم، وفتح وظفر وبشارة وغيرها وما يجري مجرى ذلك، وتقدم هناك ذكر جملة من الأدعية في الأمور المختلفة المعاني.
ونحن نذكر هنا نبذة من الأدعية والتصديرات اللائقة المتقدمة، مما يدعى به للنواب ومن في معناهم؛ ليقرب تنأوله باقترانه بصور المكاتبات.
الأدعية والصدور لنواب السلطنة:
أدعية تصلح للنائب الكافل ولا زالت كفالته تبسط المعدلة، وعزائمه على الإنصاف والإسعاف مشتملة، وتقدماته تبلغ كل ذي قصد أمله. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام أكمله، ومن الثناء الحسن أجزله، وتبدي.
آخر: ولا زالت الممالك كلها في كفالته، والمسالك على اختلاف طرقها آئلة إلى إيالته، والملائك محومة على بنوده محتفة بهالته، والأرائك لا تثنى إلا على دست فخاره ولا تعد إلا لجلالته. أصدرناها إلى المقر الكريم تخصه بأفضل السلام، وأطيب الثناء المرقوم على أعلى الأعلام؛ وتبدي.
آخر: ولا زالت كفاية كفالته تزيد على الآمال، وتتقرب إلى الله بصلاح الأعمال، وتكفل ما بين الجنوب وأقصى الشمال. أصدرناها إلى المقر الكريم وصدرها بذكره منشرح، وببره فرح، وبعلو قدره في أيامنا الزاهرة يسر ويؤمل منه ما يزيد على أمل المقترح، وتبدي.
أدعية تصلح لنائب الشام المحروس ولازالت الممالك تؤيد بعزمه ورأيه تأييداً، والدول تسدد بكفالته تسديداً وتشيد تشييداً. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاماً تضاعف أجزاؤه، وثناء يبهج الخواطر سناؤه، وتبدي لعلمه.
آخر: ولا زالت النفوس بيمن كفالته فائقه، والخواطر في محبته متوافقة، والألسن بشكر محاسنه ناطقة، وقلوب الأعداء من بأسه ومهابته خافقة. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه أنواع السلام المتناسبة وأجناسه المتناسقة، وتثني على أوصافه التي أصبحت الأفواه في ذكرها صادقة، وتبدي لعلمه.
آخر: ولا زالت عزائمه مرهفة الحد، وكفالته كفيلة بنجح القصد، ومغانمه في سبيل الله تعرب عن الاجتهاد في قهر الأعداء والجد. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاماً يفوق شذاه العنبر والند، وثناء مجاوزاً أبداً الحصر وأمداً العد؛ وتبدي لعلمه.
آخر: ولا زالت قلوب أهل الإيمان من كفالته مؤتلفة، وفرق أهل من بأسه وخوفه مختلفة، وأحوال أهل العناد بجميل تدبيره في استطلاعها واضحة منكشفة. أصدرناها إلى المقر الكريم تثني على همته التي لم تزل على المصالح معتكفة، وتهدي إليه تحية شموسها مشرقة غير منكسفة؛ وتبدي لعلمه.
آخر: ولا زالت سعادته بحكم الأقدار دائمة، والمعدلة بجميل حلمه وصائب رأيه قائمة، والعيون بيمن كفالته في مهاد أمننه نائمة. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه تحية طيبة المسرى، وثناء حسن وصفاً وطاب ذكراً، وتبدي لعلمه.
آخر: ولا زال النصر حلية أيامه، وشامة شامه؛ وغمامة ما يحلق على بلده المخضر من غمامه. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام لا يرضى حافر جواده الهلال نعلا، ولا يحظى به إلا بلده ونخص منه الشرف الأعلى؛ وتبدي لعلمه.
آخر: وسقى عهده العهاد، وشفى بعدله العباد، وزان به حسن بلده التي لم يخلق مثلها في البلاد، وهي إرم ذات العماد. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام تسر به النفوس، ويطوق به فضله الجامع وتتحلى به العروس؛ وتبدي لعلمه.
آآخر: ووقى بسور جيوشه الممتنعة ضرر الضراء، وكسر بأسود جنوده ذئاب الأعداء الضراء، وسبق دهماء الليل وشهباء النهار وحمراء الشفق وصفراء الأصيل وشقراء البرق بسابقته الخضراء. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام يملأ حدق حدائقه نوراً، وقلب عساكره سروراً.
أدعية وصدور:
تصلح لكل من النائب الكافل، ونائب الشام، ومن في معناهما كالأتابك ونحوه دعاء من ذلك: ووصل المسار بعلمه الذي لا ينكر، وحلمه الذي يشكر وحكمه الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام يسرع إليه، وثناء يرد منا عليه؛ وتبدي لعلمه.
آخر: ولا زالت الدول برأيه مقبلة السعود، مترقية في الصعود، مملوءة الرحاب: تارة تبعث البعوث وتارة تفد عليه الوفود. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام أشرقه نجوماً، ومن الثناء أغدقه غيوماً؛ وتبدي لعلمه.
آخر: ولا زالت الممالك بآرائه منيرة، وبراياته لأعدائها وأعداء الله مبيرة، وبرؤياه تتضاءل الشموس المشرقة وتخجل السحب المطيرة. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي غليه من السلام درره، ومن الثناء غرره، وتبدي لعلمه.
آخر: ولا برحت آراؤه كالنجوم بعيدة المدى، قريبة الهدى، متهللة كالغمام: للأعداء منها الصواعق وللأولياء منها الندى. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام حسن الافتتاح، وثناء كما نظم الوشاح؛ وتبدي لعلمه الكريم.
آخر: ولا برحت تنير غياهب الخطوب، وعزائمه تثير سنابك الجياد للجهاد فتظفر منن التأييد بكل مطلوب، وصوارمه تفتك بالأعداء فتهتك منهم كل ستر محجوب. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاماً أزهى من الزهر، وأبهى من روض وافى نضارته النظر، وتبدي لعلمه.
آخر: ولا برح التأييد يصحب رايته، والعزم يخدم عزمته، والرعب يؤم طليعته، والظفر يحكم في العدو سيفه فلا يستطيع عاصي الحصون عصمته. أصدرناها إلى المقر الكريم تكافي بمزيد الشكر همته، وتوافي إليه بثناء واف يحسد المسك نفحته؛ وتنهي لعلمه.
آخر: ولا برحت سيوفه تسيل يوم الروع جدأولها، وعزائمه تنصر كتائبها وجحافلها، ومنزلته على ممر الزمان بين السماكين منازلها. أصدرناها إلى المقر الكريم تثني على محاسنه التي بهرت أوصافها، واختالت في ملابس الحمد أعطافها؛ وتبدي لعلمه.
أدعية وصدور:
تصلح لنائب حلب المحروسة دعاء من ذلك: ولا زال يعد ليوم تشيب منه الولدان، ويعد دون كل محارب بينه وبين الشهباء والميدان، ويعم حلب من حلى أيامه ما لا يفقد معه إلا اسم ابن حمدان.
فإن كان لقبه سيف الدين، قيل ويعم حلب من حلى أيامه ما لا يفقد معه سيف الدين إن فقد سيف الدولة بن حمدان. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً ما مر على روض إلا انتهب طيبه نهبا، وثناء تعقد له أعلامه على كتيبته الشهبا؛ وتوضح لعلمه.
آخر: وفتح بسيوفه الفتح الوجيز، وأحل عقائل المقاعل منه في الكنف الحريز، وأعاد به رونق بلد ما جفت بها زبدة حلب وهو فيها العزيز. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم بسلام ذهبه لا يذهب، وثناء لا تصلح لغير عقيلة الشهباء قلادة عنبره الأشهب، وتوضح لعلمه الكريم.
آخر: ولا زالت هممه مطلة على النجوم في منازلها، مطأولة للبروق بمناصلها، قائمة في مصالح الدول مقام جحافلها. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً كالدرر، وثناء طويل الأوضاح والغرر؛ وتبدي لعلمه.
آخر: وأمده بعونه، وجمله بصونه، ولا زال رأيه في النقيضين: لهذا سبب فنائه ولهذا علة كونه. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً رطيباً، وشكراً يكون على ما تخفي الصدور رقيباً؛ وتوضح لعلمه.
آخر: وأعلى له من الأقدار قدراً، وضاعف لديه من لدنه سروراً وبشراً، ولا أعدم الممالك من عزائمه تأييداً ونصراً. صدرت هذه المكاتبة إلى الباب الكريم تهدي إليه سلاماً يفوق الزهر، ويسابق في سيره الشمس والقمر، وتبدي لعلمه.
آخر: وخصه بجميل المناقب، ومنحه من المزيد علو المراتب، وضاعف لديه من الإيثار شريف المواهب. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً كرم وفوده، وثناء حسن وصفه وعذب وروده؛ وتوضح لعلمه.
آخر: ولا زالت الخواطر تشهد منه صدق المحبة، والنفوس تتحقق أنه قد جعل النصيحة لأيامنا الشريفة دأبه. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً زاكية أقسامه، وثناء كمل عقده واتسق نظامه؛ وتوضح لعلمه الكريم.
آخر: وزاد عزمه المبارك تأييداً، ومنح نعمه على ممر الأوقات مزيداً، وجعل حظه من كل خير سعيداً، وسعده بتجديد الأيام جديداً. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه تحية حسن إهداؤها إليه، وثناء يبهج الخواطر وروده عليه؛ وتوضح لعلمه.
آخر: وجعل السعد المؤبد منن مغنامه، وأقامه لإبقاء الخير في معادنه وإثبات العز في معالمه. صدرت هذه المكاتبة إلى الباب الكريم تهدي إليه تحية طاب نشرها العاطر، وثناء أبهج ذكره الخاطر؛ وتوضح لعلمه.
آخر: ولا زال بالملائكة منصوراً، وبمزيد النعم مسروراً، وبكل لسان موصوفاً مشكوراً. صدرت هذه المكاتبة إلى الباب الكريم تهدي إليه سلاماً يضوع نشره، وثناء يفوح عطره، وتوضح لعلمه.
دعاء وصدر:
يصلح لنائب السلطنة بطرابلس وهو من هذه النسبة وما يبعد منها.
والدعاء مثل قولنا: وأطاب أيامه التي ما رقت على مثلها أسحار، وعدد في مناقبه العقول التي تحار، وأخذ بنواصي الأعداء بيده لا تنأى بهم البراري المقفرة ولا تحصنهم البحار.
صدرت هذه المكاتبة إلى الجنابة العالي بسلام وفرت مه أسهمه التي يدرأ بها العدا في نحرها، وثناء مطرب ترقص به الخيل في أعنتها والسفن في بحرها.
دعاء آخر وصدر:
ولا زالت صفوفه تشد بنيان الحرب، وسيوفه تعد للقتل وإن قيل للضرب، وسجوفه تجر على بلد ما مثله في شرق ولا حصل على غير المسمى منه غرب.
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً يزيد أفقه تزييناً، وثناء يأتيه من فائق الدر بما يستهون معه بالمينا.
دعاء وصدر:
يصلد لنائب السلطنة بحماة وأتم بخدمه كل مبرة، وبهممه كل مسرة، وصان ما وليه أن يكون به غير النهر العاصي أو ينسب إليه سوى البد المعروف معرة.
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً تمسح أنديته بالسحائب، وثناء يأتي به حما حماة وقرونها المنشورة بألويته معقودة الذوائب.
دعاء آخر وصدر وحمى حماه، وزان موكبه بأحسن حماه، وحسن كنائن سهامه التي لا يصلح لها غير بلده حماه.
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً تحمله إليه الركائب السائرة، وثناء تشرق منه الكواكب أضعاف ما تريه أفلاك الدواليب الدائرة؛ وتوضح لعلمه.
دعاء وصدر:
يصلح لنائب صفد وشكر هممه التي وفت، وعزائمه التي كفت، وأعلى به بلداً مذ وليه قيل: صفد قد صفت، صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً لا تزال شعائره تقام، وثناء مذ هب على بلد قيل: إن هواءها يشفي الأسقام؛ وتوضح لعلمه.
آخر: ولا زالت مساعيه تسوق إليه الخطوط البطية وتقدم له العلياء مثل المطية، وتهنيه بما خص به من صفد وهي العطية؛ صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً يحييه في محله، وثناء يودع في معقله الذي لا تصل أعلى الشوامخ إلا إلى ما سفل من ظله وتوضح لعلمه.
أدعية وصدور:
تصلح لكل من نواب طرابلس وحماة وصفد ومن في معناهم دعاء وصدر من ذلك: ولا برح منصور العزمات، مسدداً في الآراء والحركات، مشيداً قواعد الممالك بما له من جميل التقدمات. صدرت هذه المكاتبة إلى الباب العالي تهدي إليه سلاماً أرجاً، وثناء بهجاً؛ وتوضح لعلمه.
آخر: ولا زال سيفه ماضياً، وجيده حالياً، وضده خاسياً. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً، وتسدد لرأيه الصائب سهاماً، وتوضح لعلمه.
آخر: ولا زالت آراؤه سعيد، وتأثيراته حميدة، وسيوفه لرقاب العدا مبيدة. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً يتأرج، وثناء نشره نشر الثوب المدبج؛ وتوضح لعلمه.
آخر: ولا زالت آراؤه عالية، وأجياده حالية، ونعم الله عليه متوالية. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه السلام التام، والثناء الوافر الأقسام؛ وتوضح لعلمه.
أدعية وصدور:
تصلح لنائب الكرك ومن في معناه ممن رتبته المجلس العالي مع الادعاء دعاء من ذلك: وأيد عزمه وأبد حزمه، وفوق إلى نحر العدا سهمه. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاماً، وتسدد لرأيه الصائب سهاماً، وتوضح لعلمه.
آخر: ولا زال عالياً قدره، نافذاً أمره، جارياً على الألسنة حمده وشكره. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاماً، وثناء بساماً، وتوضح لعلمه.
المهيع الثاني في بيان مراتب المكتوب إليهم من أهل المملكة وما يستحقه كل منهم من المكاتبات:
وهم ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أرباب السيوف، وهم على ثلاثة أقسام:
القسم الأول من هو بالديار المصرية، وهم ستة أصناف:
الصنف الأول نواب السلطنة الشريفة، وهم أربعة نواب:
الأول- النائب الكافل: وهو نائب السلطنة الشريفة بالحضرة. وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية أنه أعلى نواب السلطان رتبة. قال في التثقيف: وقل أن يكاتب إلا إذا كان السلطان مسافراً في غزاة أو سرحة للصيد.
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التعريف: أعز الله تعالى أنصار الجناب الكريم على ما تقدم في الدرجة الثانية من الدرجات العشر. قال في التعريف: وقد رأيت بعض الكتاب قد كتب في ألقابه بعد الأميري الآمري. قال: والكاتب المذكور كاتب صالح في المعرفة وليس بحجة، وكتابته الآمري ليست بشيء، وإنما حمله عليها كثرة الملق. وقد نقل في التعريف عن هذا الكاتب أنه كتب في تعريفه نائب السلطنة وكافل الممالك الشريفة الإسلامية. قال: وهو مقبول منه. ثم قال: والذي أراه أن يجمع ذكر النيابة والكفالة في تقليده، فيقال: أن يقلد نيابة السلطنة المعظمة، وكفالة الممالك الشريفة الإسلامية أو ما هذا معناه، نحو: وكفالة الممالك الشريفة: مصراً وشاماً وسائر البلاد الإسلامية أو الممالك الإسلامية ونحو ذلك.
فأما في تعريف الكتب، فقد جرت عادة نواب الشام أن تقتصر في كتبها إليه على كافل الممالك الإسلامية المحروسة. قال: ولعمري في ذلك مقنع وإن في الاقتصار عليها ما هو أكثر فخامة. وعليه عمل أكثر الكتاب بديوان مصر أيضاً، ويؤيده أنهم مقتصرون فيما يكتب بإشارته على هذا التعريف، فاعلم ذلك.
ورسم المكاتبة إليه على ما استقر عليه الحال، على ما ذكره في التثقيف: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم، كما في الدرجة الأولى من الدرجات العشر، والعلامة إليه أخوه. وتعريفه: كافل الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى. قال في التثقيف: وإنما كتب له أعز الله تعالى أنصار المقر، وزيدت ألقابه على ما كانت عليه لما كتب بذلك لنائب الشام في ولاية بيدمر الخوارزمي، وكافل المملكة يومئذ الأمير منجك، فلزم أن يكتب له مثله لئلا يكون نائب الشام مميزاً على كافل السلطنة، على ما سيأتي في الكلام على مكاتبة نائب الشام.
قال في التعريف: أما نائب الغيبة، وهو الذي يترك إذا غاب السلطان والنائب الكافل وليس إلا لأخماد النوائر وخلاص الحقوق، فحكمه كحكمه في المكاتبة إليه.
الثاني- نائب ثغر الإسكندرية المحروس: وهو ممن استحدثت نيابته في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين عند طروق العدو المخذول، في سنة سبع وستين وسبعمائة من الفرنج المخذولين.
ورسم المكاتبة إليه: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي، على ما تقدم ذكره، إلا أنه لا يقال في ألقابه الكافلي والعلامة الشريفة له والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بثغر الإسكندرية المحروس.
واعلم أن بالإسكندرية حاجباً يكاتب عن الأبواب السلطانية. قال في التثقيف: ورسم المكاتبة إليه: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي إن كان طبلخاناه، ويعلم مجلس الأمير إن كان عشرة، والعلامة الشريفة له الاسم بكل حال. وتعريفه الحاجب بثغر الإسكندرية المحروس.
الثالث- نائب الوجه القبلي: وقد تقدم أن مقر ولايته مدينة أسيوط، وأن استحداث نيبته كان في الدولة الظاهرية برقوق في سنة ثمانين وسبعمائة.
ورسم المكاتبة إليه: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي على ما تقدم ذكره. ولا يقال فيه الكافلي أيضاً، والعلامة الشريفة والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بالوجه القبلي.
الرابع- نائب الوجه البحري: وقد تقدم أن مقر ولايته مدينة دمنهور الوحش من أعمال البحيرة، وأن نيابته استحدثت بعد نيابة نائب الوجه القبلي، ولذلك لم يتعرض له في التثقيف.
ورسم المكاتبة إليه: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي كما في نائب الوجه القبلي. والعلامة الشريفة له أخوه وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بالوجه البحري.
الصنف الثاني: الكشاف:
وقد تقدم أنه كان قبل استقرار نيابتي الوجهين: القبلي والبحري كاشفان بالوجهين المذكورين: كاشف بالوجه القبلي، وكاشف بالوجه البحري. فلما استقر النيابتان، استقر بالفيوم والبهنساوية كاشف، وبالشرقية وما قاربها كاشف؛ وكل منهما أمير طبلخاناه.
ورسم المكاتبة إلى كل منهما: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة لكل منهما الاسم الشريف، وتعريف كاشف الفيوم الكاشف بالفيوم والبهنساوية، وتعريف الآخر: الكاشف بالوجه البحري.
الصنف الثالث: الولاة بالوجهين: القبلي والبحري، وكل من ولاة الوجهين لا يخرج عن طلبخاناه أو عشرة وما في معناها كالعشرين ونحوها.
فأما الوجه القبلي، ففيه ستة ولاه، منهم ثلاثة طبلخاناه: وهم والي قوص وإخميم. ووالي الأشمونين. ووالي البهنسا.
ومنهم ثلاثة عشرات: وهم والي الجيزية، وكان قبل ذلك طبلخاناه. ووالي إطفيح. ووالي منفلوط، وكان قبل ذلك طبلخاناه، وهو اليوم إمرة عشرين.
وأما الوجه البحري، ففيه سبعة ولاة: منهم ثلاثة طبلخاناه. وهم والي الغربية. ووالي المنوفية. ووالي الشرقية. وكان بدمنهور وال طبلخاناه قبل استقرارها نيابة.
ومنهم أربعة عشرات، وهم: والي قليوب. ووالي أشموم. وهي الدقهلية والمرتاحية. ووالي دمياط. ووالي قطيا.
ورسم المكاتبة إلى كل من ولاة الطبلخاناه منهم: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، وإلى كل من ولاة العشرات منهم يعلم مجلس الأمير والعلامة لكل من الطبلخاناه والعشرات الاسم الشريف، وتعريف كل منهم والي فلانة.
الصنف الرابع: من يتوجه من الأبواب السلطانية من الأمراء لبعض الأعمال المتقدمة الذكر لكشف الجسور وعمارتها أو لتخضير البلاد أو لقبض الغلال:
قال في التثقيف: فمن كان منهم طبلخاناه، فرسم المكاتبة إليه السامي بالياء. ومن كان منهم عشرة، فرسم المكاتبة إليه السامي بغير ياء. والعلامة للجميع الاسم الشريف. قال: ولا تذكر الوظيفة التي توجه بسببها، ولا الإقليم الذي هو به.
الصنف الخامس: باقي الأمراء بالديار المصرية:
وقد رتبهم في التعريف على أربع مراتب:
المرتبة الأولى- مقدمو الألوف، وقد ذكر أن لكبارهم أسوة كبار النواب بالممالك الشامية، كالشام وحلب. ولأوسطهم أسوة أوسطهم كحماة وطرابلس وصفد. ولأصغرهم أسوة أصغرهم، كغزة وحمص. ثم قال: فاعلم ذلك وقس عليه. ثم قال بعد ذلك: والذي نقوله أن لكبار المقدمين بالأبواب السلطانية الجناب الكريم ثم الجناب العالي ثم المجلس العالي. وهذا على ما كان في زمانه؛ أما على ما استقر عليه الحال آخراً، فإنه يكون لكبارهم المقر الكريم كما يكتب للأتابك الآن، ثم الجناب الكريم ثم الجناب العالي ثم المجلس العالي.
المرتبة الثانية- الطبلخانات. قد ذكر أن منهم من يكتب له المجلس العالي كمن يكون معيناً للتقدمة، وله عدة ثمانين فارساً أو سبعين فارساً أو نحو ذلك، وكالمقربين من الخاصكية، أو من له عراقة نسب كبقايا الملوك، أو أرباب وظائف جليلة: كحاجب كبير، أو إستدار جليل، أو مدبر دولة لم يصرح له بالوزارة، أودوادار متصرف. ثم قال: وهؤلاء وإن كتب لهم بالمجلس العالي، فإنه يكتب لهم بغير افتتاح بالدعاء، والكتابة لهم بالعالي على سبيل العرض لا الاستحقاق، وإلا فأجل رسم مكاتبة أمراء الطبلخاناه السامي بالياء ولجمهورهم السامي بغير.
المرتبة الثالثة- العشرات. وذكر أن لكل منهم مجلس الأمير، ثم قال: فإن زيد قد أحد لسبب ما، كتب له المجلس العالي بغير الياء.
المرتبة الرابعة- مقدمو الجند. وقد ذكر أن لهم أسوة أمراء العشرات في المكاتبة. ثم قال: وأما الجند، فالأمير الأجل. وأما جند الأمراء فلاطواشي. وكأنه يريد ما إذا كتب بسببهم مكاتبة أو كتب لأحد منهم توقيع، وإلا فالجند لا يكاتب أحد منهم عن الأبواب السلطانية حتى ولا نواب القلاع بالشام، كما سيأتي ذكره هناك إن شاء الله تعالى.
الصنف السادس: العربان بالديار المصرية وبرقة:
وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في الكلام على أنساب العرب، فيما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى. وقد ذكر في التعريف: أن العرب بمصر في الوجهين القبلي والبحري جماعات كثيرة وشعوب وقبائل. ثم قال: ولكنهم على كثرة أموالهم واتساع نطق جماعاتهم، ليسوا عند السلطان في الذروة ولا السنام، إذ كانوا أهل حاضرة وزرع، ليس منهم من ينجد ولايتهم، ولا يعرق ولا يشئم، ولا يخرجون عن حدود الجدران، وعلى كل حال، فالمندل الرطب في أرجائه حطب.
ثم قد قسم منازلهم إلى الوجه القبلي والوجه البحري، وذكر أن بكل من الوجهين من يكاتب عن الأبواب السلطانية.
فأما عرب الوجه البحري فعلى ضربين:
الضرب الأول: عرب البحيرة:
قال في التعريف: وأمراؤهم عرب الديار المصرية. قال: وهم أشبه القوم بالتخلق بخلائق العرب في الحل والترحال، يغربون إلى القيروان وقابس، ويفدون على الحضرة السلطانية وفود أمثالهم من أمراء العرب. وذكر أن الإمرة فيهم في زمانه، كانت في محمد بن أبي سليمان وفائد بن مقدم. وقال: إن رسم المكاتبة إلى كل منهما: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، الأمير، والعلامة السلطانية أخوه ولم يتعرض لتعريفهما، والذي يظهر أن تعريف كل منهما اسمه.
أما بعده، فقد تغيرت تلك الأحوال، وتناقصت رتبة عرب البحيرة، وزالت الإمرة عنهم، ولم يبق فيهم إلا مشاع عربان ذوو أموال جمة، كان منهم في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين رحاب، وموسى بن خضر، وأولاد بدران الغريني، ومن جرى مجراهم، ثم صار اليوم بها بن رحاب، وخضر بن موسى.
الضرب الثاني: عرب الشرقية:
وقد ذكر في التعريف: أنه كان في زمانه منهم نجم بن هجل شيخ عائد. وذكر أنه دون محمد بن أبي سليمان وفائد بن مقدم: أميري عرب البحيرة. ثم قال: ورسم المكاتبة إليه: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير.
قلت: ثم تغيرت الأحوال بعد ذلك وصارت رياسة عرب الشرقية متداولة في جماعة، إلى أن كان منهم في الدلة الظاهرية برقوق محمد بن عيسى أمير وأولادهم، وكانت الإمرة فيهم أولاً في ثم قتل بسيف السلطان في الدولة الناصرية فرج بن برقوق واستسقر مكانه.
وأما عرب الوجه القبلي، فقد ذكر في التعريف: أنه كان منهم في زمانه نفران: أحدهما ناصر الدين عمر بن فضل. وذكر أن رسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي أيضاً. وثانيهما سمرة بن مالك. قال: وهو ذو عدد جم، وشوكة منكية، يغزو الحبشة وأمم السودان، ويأتي بالنهاب والسبايا؛ وله أثر محمود، وفعل مأثور. وفد على السلطان وأكرم مثواه، وعقد له لواء وشرف بالتشريف، وقلد ذلك، وكتب إلى ولاة الوجه القبلي عن آخرهم وسائر العربان به بمساعدته ومعاضدته، والركوب للغزو معه متى أراد. وكتب له منشور بما يفتح من البلاد، وتقليد بإمرة العربان القبلية مما يلي قوص إلى حيث تصل غايته. ثم قال: ورسم المكاتبة إليه السامي الأمير كمن تقدم.
قلت: ثم كان بعد ذلك عدد من أمراء العربان، كان آخرهم أبو بكر بن الأحدب. ثم لما انتقلت هوارة إلى الوجه القبلي، صارت الإمرة فيهم في الصعيد الأدنى، في بني غريب، وأميرهم الآن وفي الصعيد الأعلى في بني عمر، وأميرهم محمد بن عمر، ورسم المكاتبة إلى كل منهما.
وأما عرب برقة، فقد ذكر في التعريف: أنه لم يبق منهم في زمانه من يكاتب إلا جعفر بن عمر، وأنه كان لا يزال بين طاعة وعصيان، ومخاشنة وليان؛ وأن أمراء عرب البحيرة كانت تغري به، وتغير خاطر السلطان عليه، وأن الجيوش كانت تمتد إليه، وقل أن ظفرت منه بطائل، أو رجعت بمغنم إن أصابته نوية من الدهر. وكان آخر أمره أنه ركب طريق الواح حتى خرج من الفيوم، وطرق باب السلطان لائذاً بالعفو، ولم يسبق بخ خبر، ولم يعلم السلطان به حتى استأذن المستأذن عليه وهو في جملة الوقوف بالباب؛ فأكرم أتم الكرامة، وشرف بأجل التشاريف، وأقام مدة في قرى الإحسان وإحسان القرى. وأهله لا يعلمون بما جرى، ولا يعرفون أين يمم، ولا أي جهة نحا، حتى أتتهم وافدات البشائر. وقال له السلطان: لأي شيء ما أعلمت أهلك بقصدك إلينا؟ قال: خفت أن يقولوا: يفتك بك السلطان، فأتثبط. فاستحسن قوله، وأفاض عليه طوله؛ ثم أعيد إلى أهله، فانقلب بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء، ولا رثى له صاحب، ولا شمت به عدو.
النوع الثاني: ممن يكاتب عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية أرباب الأقلام:
وهم على ضربين:
الضرب الأول: أرباب الدواوين من الوزراء ومن في معناهم:
قال في التعريف ولم تزل مكاتبة أجلاء الوزراء بـ المجلس العالي. ثم كتب لآخرهم بالديار المصرية الجناب العالي. وكتبت بالشام للصاحب عز الدين أبي يعلى، حمزة بن القلاقسي رحمه الله، لجلالة قدره، وسابقة خدمه، وعناية من كتب إليه بها. ثم قال: والذي استقر عليه الحال للوزير بمصر الجناب. أما من يجري مجرى الوزراء ولا صريح له بها: مثل ناظر الخاص، وكاتب السر، وناظر الجيش، وناظر الدولة، وكتاب الدست، ف السامي بالياء، ومن دون هؤلاء بغي رياء؛ ثم مجلس القاضي أو الصدر.
قلت: وكأنه يريد ألقاب هؤلاء في الجملة، إما في مكاتبة تكتب بسبب أحد منهم، وإما في توقيع ونحوه يكتب لأحدهم؛ وإلا فمن من الأصاغر لا يكاتب عن الأبواب السلطانية عادة. والذي صرح في التثقيف بذكر المكاتبة إليه من هذا الضرب نفران:
الأول- كاتب السر إذا تخلف عن الركاب السلطان لعارض. وذكر أن رسم المكاتبة إليه: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي على ما تقدم ذكره، والعلامة أخوه وتعريفه صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية المحروسة.
الثاني- ناظر الخاص الشريف. وذكر أن رسم المكاتبة إليه على ما استقر عليه الحال في أيام ابن نقولا أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي على ما تقدم ذكره، والعلامة الاسم وتعريفه ناظر الخواص الشريفة.
قلت: ولم يتعرض لمكاتبة الوزير، إنما ذكر ألقابه في الألقاب العامة مما يكتب في الولاية وغيرها، ولا يستغنى عن ذكر المكاتبة إليه؛ وقد تقدم في كلام صاحب التعريف: أن الذي استقر عليه الحال في المكاتبة إليه الجناب العالي ولم يعين صورة الدعاء له. والذي ذكره في التثقيف في ألقابه أن الدعاء له ضاعف الله تعالى نعمته وحينئذ فتكون المكاتبة إليه إن كتب إليه ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي بالألقاب السابقة.
الضرب الثاني: أرباب الوظائف الدينية والعلماء:
قد ذكر في التعريف: أن كلاً من قضاة القضاة بمصر يكتب له المجلس العالي والمحتسب بها يكتب له بـ السامي بالياء، ومن دونهم من أرباب الوظائف الدينية وبقية العلماء وأكابرهم: السامي بغير ياء، ومن دونهم مجلس القاضي أو الشيخ بحسب ما يليق به. وكأنه يريد مطلق الألقاب كما تقدم في غيره، وإلا فهؤلاء لا يكاتبون عن الأبواب السلطانية. ولم يذكر في التثقيف: مكاتبة لأحد من أرباب الوظائف الدينية سوى قاضي القضاة تاج الدين الإخنائي المالكي، وقد حج في سنة سبع وستين وسبعمائة في الدولة الناصرية حسن، جواباً عما ورد منه، وكتب له الدعاء والمجلس العالي. والعلامة الاسم. قال: وأما قاضي القضاء عز الدين بن جماعة فإنه كان يحج ويجاور كثيراً، ولكني لم أره كتب له قط، وأنا شاك في أمره.
قلت: رأيت في إيقاظ المتغفل لابن المتوج، أنه كتب إليه وهو مجاور بمكة: أعز الله تعالى أحكام المجلس العالي ولم يتعرض للعلامة، والظاهر أن العلامة له أخوه ويكون التعريف قاضي القضاة الشافعية أو المالكية بالديار المصرية.
النوع الثالث ممن يكاتب عن الأبواب السلطانية ممن بالديار المصرية الخوندات السلطانية من زوجات السلطان وأقاربه ممن تدعو الضرورة إلى مكاتبته لسفره أو لسفر السلطان:
وقد ذكر في التثقيف منهن جماعة، نذكرهن ليكن أنموذجاً لمن يكون في معناهن.
الأولى- ابنة المقام الشريف الشهيد الناصري محمد بن قلاوون لما كانت بحلب مع زوجها أبي بكر بن أرغون، كتب إليها ما صورته: الذي يحيط به علم الحرمة الشريفة، العالية، المصونة، الولدية، عصمة الدين، جلال النساء، شرف الخواتين، سلسلة الملوك والسلاطين، ضاعف الله تعالى جلالها والعلامة ولدها وتعريفها الدار السيفية بحلب والأسطر متقاربة كالملطف.
الثانية- طغاي زوجة المقام الشريف الناصري المشار إليه، المعروفة بأم أنوك، كتب إليها لما توجهت إلى الحجاز الشريف: ضاعف الله تعالى جلال الجهة الشريفة، المعظمة، المصونة الكبرى خوند خاتون؛ جلال النساء في العالمين، سيدة الخواتين، قرينة الملوك والسلاطين. ثم الدعاء، والعلامة الاسم الشريف، وتعريفها والدة المقر الكريم الولدي السيفي أنوك: والأسطر على ما تقدم في المكاتبة السابقة.
الثالثة- أخت المقام الشريف الناصر حسن جهة الأمير طاز، كتب لها لما كانت بالحجاز الشريف: ضاعف الله تعالى جلال الجهة الشريفة العالية الكريمة المحجبة المصونة الكبرى الخاتون، جلال النساء في العالمين، جميلة المحبجات، جليلة المصونات، كريمة الملوك والسلاطين، والعلامة أخوها.
الرابعة- الحاجة الست حدق. كتب لها وهي بالحجاز الشريف عن الناصر حسن: ضاعف الله تعالى جلال الجهة الشريفة العالية الكبيرية المحجبية المصونية الحاجية الوالدية، جلال النساء في العالمين، بركة الدولة، والدة الملوك والسلاطين. ثم الدعاء والعلامة الاسم الشريف؛ وتعريفها الحاجة ست حدق.
الخامسة- والدة السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين. وكتب إليها عند توجهها للحجاز الشريف: ضاعف الله تعالى جلال الجهة الشريفة. ثم قال: وقد كنت أنكرت ذلك: لأنه كان يعظمها كثيراً ويقبل يديها غالباً، فكان يمكن أن يكتب لها بتقبيل اليد.
قلت: وصورة المكاتبة على ما رأيته في بعض الدساتير: ضاعف الله تعالى جلال حجاب الجهة الشريفة العالية الكبرى، المعظمة المحجبة العصمي الخاتوني، جلال النساء في العالمين، سيدة الخواتين، جميلة المحجبات، جليلة المصونات، والدة الملوك والسلاطين ثم الدعاء، وكانت الكتابة لها في ورق دمشقي في قطع الفرخة بالطول كاملة بقلم الثلث الخفيف أو التوقيع.
القسم الثاني من يكاتب بالممالك الشامية:
وهم خمسة أنواع:
النوع الأول: أرباب السيوف من النواب الكفال وأتباعهم:
وهي ثمان نيابات:
النيابة الأولى: نيابة دمشق، المعبر عنها في عرف الزمان بالمملكة الشامية والمكاتبون بها عن الأبواب السلطانية ضربان:
الضرب الأول من بمدينة دمشق، وهم ثلاثة:
الأول- كافل السلطنة بها، وهو من أكابر مقدمي الألوف. وكان رسم المكاتبة إليه على ما أورده المقر الشهابي بن فضل الله في التعريف: أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم. قال في التثقيف: ولم تزل المكاتبة إليه كذلك من بعد الدولة الشهيدية الناصرية محمد بن قلاوون إلى آخر سنة خمس وسبعين وسبعمائة، واستقر الأمير بيدمر الخوارزمي نائب السلطنة بها في ولايته الثالثة في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين فاستقر رسم المكاتبة إليه: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم على الرسم المتقدم، والعلامة الشريفة إليه أخوه وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بالشام المحروس. قال في التثقيف: أو كافل المملكة الشامية المحروسة، ولا يقال في نعوته: كافل السلطنة.
الثاني- نائب قلعة دمشق. ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي على ما تقدم رسمه. والعلامة والده. قال في التثقيف: ثم استقرت المكاتبة إليه السامي بالياء: لأنه طبلخاناه، والعلامة الشريفة له الاسم. وتعريف نائب القلعة المنصورة بدمشق المحروسة.
الثالث- حاجب الحجاب بها. ورسم المكاتبة إليه. أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي على ما تقدم رسمه، والعلامة الشريفة له والده وتعريفه أمير حاجب بالشام المحروس.
الضرب الثاني من بأعمال دمشق من نواب المدن والقلاح:
وهم خمسة نواب:
الأول- نائب حمص، قال في التثقيف: كان يكتب إليه نظير نائب الكرك، يعني أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي والعلامة الشريفة له والده لما كان من مقدمي الألوف بالشام، ثم استقر من أمراء الطلبخاناه، واستقرت مكاتبته صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي فيما أظن؛ وقد تقدم رسمها. والعلامة الشريفة له الاسم الشريف، وتعريفه النائب بحمص المحروسة.
الثاني- نائب الرحبة. وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنه كان من حقها أن تكون من مضافات حلب. ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي على ما تقدم رسمهه. والعلامة الشريفة له والده وتعريفه النائب بالرحبة.
الثالث- نائب بعلبك. قال في التثقيف: إن كان من أمراء الطبلخاناه فمكاتبته صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، والعلامة له الاسم الشريف. وإن كان من العشرات، فالمكاتبة إليه يعلم مجلس الأمير والعلامة له الاسم الشريف وتعريفه النائب ببعلبك المحروسة.
الرابع- نائب مصياف. وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنها كانت مضافة إلى طرابلس في جملة قلاع الدعوة، ثم استقرت في مضافات الشام. ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة الشريفة له الاسم الشريف.
الخامس- نائب القدس الشريف. وهو ممن استحدثت نيابته في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين في سنة سبع وسبعين وسبعمائه، وكانت قبل ذلك ولاية وهو طبلخانه، وربما أضيف إليه نظر الحرمين: حرم القدس، وحرم الخليل عليه السلام. ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي والعلامة والده وتعريفه النائب بالقدس الشريف.
قال في التثقيف: وكان قد استقر بأماكن تذكر من البلاد الشامية نواب، واستقرت مكاتبة كل منهم: إن كان مقدماً صدرت والعالي والعلامة والده. وإن كان طبلخاناه السامي بالياء والعلامة الاسم الشريف. وهي تدمر، والسخنة، والقريتان، وسلمية. قال: ثم بطل ذلك. ثم قال: ومن النواب بالقلاع الشامية جماعة لم تجر لهم عادة بمكاتبة عن المواقف الشريفة، ولا تصدر ولا يتهم من الأبواب الشريفة، بل نائب الشام مستقل بذلك. وهم، نائب عجلون، ونائب صرخد، ونائب الصبيبة، ونائب شقيف أرنون.
قال: وممن كتب إليه أيضاً وليس بنائب ولا وال جمال الدين يوسف شاه الأتابك بمصياف في سنة أربع وسبعين وسبعمائة على يد نافع بن بدران. ورسم ما كتب به إليه أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي وكتب في ألقابه الأتابكي وكتب تعريفه يوسف شاه الأتابك. قال: والظاهر أن العلامة والده.
النيابة الثانية: نيابة حلب:
والمكاتبون بها عن الأبواب السلطانية أيضاً على ضربين:
الضرب الأول من بمدينة حلب، وهم ثلاثة:
الأول- النائب بها. وهو من أكابر مقدمي الألوف. ورسم المكاتبة إليه أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم على ما تقدم رسمه. والعلامة الشريفة له أخوه وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بحلب المحروسة.
الثاني- نائب القلعة بها. ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي على ما تقدم رسمه. والعلامة له الاسم الشريف. وتعريفه نائب القلعة المنصورة بحلب المحروسة.
الثالث- حاجب الحجاب بها. ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي. والعلامة والده وتعريفه أمير حاجب بحلب المحروسة.
الضرب الثاني من بأعمال حلب من النواب، وهم أحد وعشرون نائباً:
الأول- نائب البيرة. ورسم المكاتبة إليه المجلس العالي. والعلامة الشريفة ولده وتعريفه النائب بالبيرة المحروسة.
الثاني- نائب قلعة المسلمين المعروفة بقلعة الروم. ورسم المكاتبة إليه والعلامة كذلك. وتعريفه النائب بقلعة المسلمين المحروسة.
الثالث- نائب ملطية، ورسم المكاتبة إليه والعلامة الشريفة كذلك، وتعريفه النائب بملطية المحروسة.
الرابع- نائب طرسوس. ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي والعلامة والده وتعريفه النائب بطرسوس.
الخامس- نائب أذنة. ورسم المكاتبة غليه والعلامة له كذلك، وتعريفه النائب بأذنة المحروسة.
السادس- نائب الأبلستين. ورسم المكاتبة إليه والعلامة الشريفة له كذلك، وتعريفه النائب بالأبلستين المحروسة.
السابع- نائب بهسنى. ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة له والده وتعريفه النائب ببهنسى المحروسة.
قال في الثقيف: ولم يعلم لأحد من أرباب السيوف قديماً والده مع السامي بالياء غيره.
الثامن- نائب آياس. وهو المعبر عنه بنائب الفتوحات الجاهانية. قال في التثقيف: إن كان مقدماً فالمكاتبة إليه بنسبة مكاتبة نائب البيرة، فيكون رسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي والعلامة والده. وإن كان طبلخاناه فيكون صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة الاسم، وتعريف بكل حال النائب بآياس أو النائب بالفتوحات الجاهانية المحروسة.
التاسع- نائب جعبر. ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التثقيف وهذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة الاسم، وتعريفه، النائب بقلعة جعبر المحروسة.
العاشر- نائب عينتاب. ورسم المكاتبة إليه على ما في التثقيف يعلم مجلس الأمير والعلامة الاسم، وتعريفه النائب بعينتات المحروسة.
قال في التثقيف: ورأيت بخط القاضي ناصر الدين بن النشائي أن مكاتبته الاسم والسامي بغير ياء. ثم قال: وما تقدم هو ما استقر عليه الحال آخراً. قال: وقد يكون ذلك لأنه كان بها أمير طبلخاناه، وتعريفه النائب بعينتاب.
الحادي عشر- نائب درندة. قال في التثقيف: إن كان طبلخاناه ف السامي بغير ياء، وإن كان عشرة ف مجلس الأمير والعلامة الاسم بكل حال، وتعريفه النائب بدرندة.
الثاني عشر- ناب القصير. قال في التثقيف: ورسم المكاتبة إليه يعلم مجلس الأمير والعلامة الاسم، وتعريفه النائب بالقصير.
الثالث عشر- نائب الرواندان. ورسم المكاتبة إليه كمثل نائب القصير، وتعريفه النائب بالرواندان.
الرابع عشر- نائب الرها. قال في التثقيف: جرت العادة أن يكون نائبها طبلخاناه، فتكون مكاتبته السامي بغير ياء، والعلامة الاسم. ثم قال: وقد استقر في الأيام المنصورية في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة مقدم ألف، فقد يكتب إليه نظير نائب البيرة وقلعة المسلمين، يعني فتكون مكاتبته صدرت والعالي. والعلامة والده وتعريفه بكل حال النائب بالرها.
الخامس عشر- نائب سيزر وقد ذكر في التثقيف أن مكاتبته هذه المكاتبة إلى المجلس السامي فتكون العلامة الاسم، وتعريفه النائب بشيزر.
السادس عشر- نائب كركر. ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التثقيف يعلم مجلس الأمير فتكون العلامة الاسم، وتعريفه النائب بكركر.
السابع عشر- نائب الكختا. ورسم المكاتبة إليه كذلك، وتعريفه النائب بالكختا.
الثامن عشر- نائب بغراس. ورسم المكاتبة إليه كذلك، وتعريفه النائب ببغراس.
التاسع عشر- نائب الشغر وبكاس. ورسم المكاتبة إليه كذلك، وتعريفه النائب بالشغر وبكاس.
العشرون- نائب الدربساك. ورسم المكاتبة إليه كذلك، وتعريفه النائب بالدربساك.
الحادي والعشرون- نائب إسفندكار. ذكر في التثقيف أن رسم المكاتبة إليه كذلك. ثم قال في التثقيف لكني رأيت بخط القاضي ناصر الدين ابن النشائي أن مكاتبته الاسم والسامي بغير ياء، يعني هذه المكاتبة إلى المجلس السامي. قال: وما يبعد أنه كان إذ ذاك طبلخاناه. والمستقر عليه الحال ما تقدم.
قلت: وقد ذكر في التثقيف ست قلاع استجدت مكاتبة نوابها بعد ذلك، ولم يذكر رسم المكاتبة غليه: وهم نائب حجر شغلان، ونائب كومي، ونائب قلعة كولاك، ونائب قلعة باري كروك، استجدت مكاتبته في سنة ستين وسبعمائة، ونائب قلعة كاورا، استجدت مكاتبته في سنة تسع وستين وسبعمائة، ونائب كرزال، استجدت مكاتبته في سنة سبع وسبعين وسبعمائة. ولم يذكر رسم المكاتبة إليهم. والذي يظهر أن رسم المكاتبة إلى كل منهم يعلم مجلس الأمير والعلامة الاسم، والتعريف النائب بفلانة. وحينئذ فيكون المكاتبون من نواب أعمال حلب سبعة وعشرين نائباً.
النيابة الثالثة: نيابة طرابلس:
والمكاتبون بها عن الأبواب السلطانية أيضاً على ضربين:
الضرب الأول: من بمدينة طرابلس، وهم اثنان:
الأول- نائب السلطنة بها؛ ورسم المكاتبة إليه: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي على الرسم المتقدم. والعلامة والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة.
الثاني- الحاجب بطرابلس. ورسم المكاتبة إليه صدرت والعالي. والعلامة والده وتعريفه أمير حاجب بطرابلس المحروسة. وليس بطرابلس قلعة فيكتب إلى نائبها.
الضرب الثاني: من بأعمال طرابلس من النواب:
وهم صنفان:
الصنف الأول: نواب قلاع نفس طرابلس، وهم سبعة نواب:
الأول- نائب اللاذقية. ورسم المكاتبة إليه السامي بغير ياء. والعلامة الاسم، وتعريفه النائب باللاذقية.
الثاني- نائب صهيون. ورسم المكاتبة إليه ويعلم مجلس الأمير. والعلامة الاسم، وتعريفه النائب بصهيون.
الثالث- نائب حصن الأكراد. ورسم المكاتبة إليه كذلك، وتعريفه النائب بحصن الأكراد.
الرابع- نائب بلاطنس. ورسم المكاتبة إليه كذلك، وتعريفه النائب ببلاطنس.
الخامس- نائب المرقب. ورسم المكاتبة إليه كذلك.
السادس- نائب حصن عكار. ورسم المكاتبة إليه كذلك، وتعريفه النائب بحصن عكار.
الصنف الثاني: نواب قلاع الدعوة المضافة إلى طرابلس وهي:
قلاع الإسماعيلية الذين يسمون أنفسهم بأصحاب الدعوة الهادية. وكانت سبع قلاع فأضيفت مصياف منها إلى دمشق على ما تقدم في الكلام على المسالك والممالك؛ وبقي من مضافات طرابلس ست قلاع، وهي الكهف، والمينقة، والعليقة، والقدموس، والخوابي، والرصافة. ومكاتبة كل منهم يعلم مجلس الأمير والعلامة الاسمة. وتعريف كل منهم النائب بفلانة.
النيابة الرابعة: نيابة حماة، والمكاتبون بها ضرب واحد بمدينة حماة خاصة، وهما اثنان:
الأول- نائب السلطنة بها. وقد تقدم في أول هذا الطرف أنها كانت بيد بقايا بني أيوب، يطلق عليهم فيها لفظ السلطنة، يتولونها من ملوك مصر إلى أن كان آخرهم الأفضل محمد بن المؤيد عماد الدين إسماعيل في الدولة الناصرية محمد ابن قلاوون، ثم صارت نيابة بعد ذلك يتداولها النواب نائباً بعد نائب. ورسم المكاتبة إلى نائبها ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي والعلامة والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بحماة المحروسة.
الثاني- الحاجب بها. ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي. والعلامة الاسم، وتعريفه الحاجب بحماة المحروسة.
قال في التثقيف: ولم يكن بها قلعة فيكتب إلى نائبها. قلت: وليس بأعمالها نواب فيكتب إليها إنما بها ولاة يكاتبون عن نوابها.
النيابة الخامسة: نيابة صفة، والمكاتبون بها ضرب واحد أيضاً، وهم من بالمدينة خاصة وهم ثلاثة: الأول- نائب السلطنة بها. ورسم المكاتبة إليه: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي. والعلامة والده. وتعريفه: نائب السلطنة الشريفة بصفد المحروسة.
الثاني- الحاجب بها. ورسم المكاتبة إليه: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي. والعلامة الاسم. وتعريفه: الحاجب بصفد المحروسة.
الثالث- نائب القلعة بها. ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي. والعلامة الاسم. وتعريفه نائب القلعة المنصورة بصفد المحروسة.
قلت: ولم يكن بأعمالها نواب فيكاتبون عن الأبواب السلطانية، بل بها ولاة يكاتبون عن نائبها خاصة كما تقدم في حماة.
النيابة السادسة: نيابة غزة، والمكاتبون بها أيضاً ضرب واحد، وهم من بالمدينة خاصة، وهما اثنان: الأول- النائب بها. وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنه إن اجتمع له البلاد الساحلية والجبلية، عبر عنه بنائب السلطنة؛ وإن قصر أمره على البلاد الساحلية فقط، عبر عنه بمقدم العسكر وكان تحت أمر نائب دمشق. وبكل حال فإن رسم المكاتبة إليه: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي والعلامة والده. ثم إن أضيف له الجهتان قيل في تعريفه: مقدم العسكر المنصور بغزة.
الثاني- الحاجب بها. ورسم المكاتبة إليه: يعلم مجلس الأمير. والعلامة الاسم، وتعريفه: الحاجب بغزة المحروسة.
قلت: وليس بعملها نواب، بل ولاة يكاتبون عن نائبها أو مقدم العسكر بها. إلا أنه قد استحدثت في أواخر الدولة الظاهرية برقوق مكاتبة كاشف الرملة، واستقرت مكاتبته: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي. والعلامة الاسم، وتعريفه: الكاشف بالرملة.
النيابة السابعة: نيابة الكرك، والمكاتبون بها من بالمدبنة خاصة، وهما اثنان: الأول- نائب السلطنة بها. ورسم المكاتبة إليه: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي. والعلامة والده، وتعريفه: نائب السلطنة الشريفة بالكرك.
الثاني- والي القلعة بها. ورسم المكاتبة إليه: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي. والعلامة الاسم، وتعريفه: والي القلعة المنصورة بالكرك المحروس.
قلت: ولم يكن بها حاجب يكاتب ولا بأعمالها نواب، بل ولاة يكاتبون عن النائب بها خاصة.
النيابة الثامنة: نيابة سيس، وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنها مما استجد فتحه في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين. وقد ذكر في التثقيف: أن مكاتبة النائب بها كانت ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي كنائب طرابلس ومن في معناه. ثم قال: وقد صح لي بعد هذا أنه استقرت مكاتبته نظير غزة. وهي: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي. والعلامة حينئذ والده، وتعريفه: مقدم العسكر المنصور بغزو، وما ذكره آخراً هو المستقر عليه الحال إلى آخر وقت. قال في التثقيف: ولم أطلع على مكاتبة الحاجب بها. ثم قال: وما يبعد أن يكون مجلس الأمير لأنه فيما أظن أمير عشرة. قال: وإن كان طبلخاناه، فالاسم والسامي بغير ياء إن كتب إليه. ولم يكن بها نائب قلعة كما ذكره في الكلام على نواب القلاع.
قلت: وهنا أمران أشار إليهما في التثقيف: ينبغي التنبه لهما.
أحدهما- أن القاعدة فيمن عدا أكابر النواب: كنواب القلاع والحجاب ونحوهم أن المكتوب إليه إن كان مقدماً ف والده وصدرت والعالي. وإن كان طبلخاناه فالاسم والسامي بغير ياء. وإن كان عشرة، فالاسم ومجلس الأمير. وحينئذ فال يتوقف مع المكاتبات السابقة، بل ينظر من هو مستقر في ذلك الوقت ويكتب إليه بما تقتضيه رتبته، فإنه تارة تكون عادة تلك النيابة طبلخاناه ثم تستقر عشرة وبالعكس، وتارة تكون طبلخاناه يستقر فيها مقدم ألف وبالعكس. والعبرة في ذلك بحال من هو مستقر حال الكتابة، خلا ما هو مستقر من قديم الزمان لا يتغير مثل مكاتبة نائب بهسنى ونحوه.
وثانيهما- أن نائب السلطنة بدمشق، ونائب السلطنة بحلب، ونائب السلطنة بطرابلس، ونائب السلطنة بحماة، ونائب السلطنة بصفد، ونائب السلطنة أو مقدم العسكر بغزة، ونائب السلطنة بالكرك، ونائب السلطنة بالقدس الشريف يكتب إليهم في جليل كل أمر وحقيره من المهمات السلطانية وخلاص الحقوق وغيرها.
أما من عداهم من نواب القلاع والنواب الصغار الذين بأعمال هذه الممالك والحجاب، فإنه لا يكتب إليهم في المهمات والأمور السلطانية: إما في مثال شريف مفرد لأحدهم، أو في مطلق شريف عام لجميعهم أو لبعضهم، وكذلك في البشرى بوفاء النيل، فإنه يكتب إلى كل واحد منهم مثال بمفرده، خلا الحجاب فإنه لا يكتب إليهم بذلك.
النوع الثاني ممن يكاتب بالممالك الشامية أرباب الأقلام:
وهم صنفان:
الصنف الأول: أرباب الوظائف الديوانية، والذي يكاتب منهم بالبلاد الشامية الوزير بدمشق، أو ناظر النظار القائم مقامه، حيث لم يصرح له بالوزارة.
أما الوزير بدمشق، فقد ذكر في التعريف: أنه كتب للصاحب عز الدين أبي يعلى حمزة القلاقسي الجناب لجلالة قدره، وسابقة خدمه، وعناية من كتب إليه بذلك، وأن الذي استقر عليه الحال للوزير بالشام المجلس العالي بالدعاء. كما كتب للصاحب أمين الدين أمين الملك في وزارته في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون: ضاعف الله تعالى نعمة المجلس العالي، القاضي، الوزيري، الأجلي، الكبيري، العالمي، العالدي، المؤيدي، الأوحدي، القوامي، النظامي، المدبري، الملجدي، الأثيري، المشيري، الفلاني؛ صلاح الإسلام والمسلمين، سيد الوزراء في العالمين، رئيس الأمراء كبير الرؤساء، بقية الأصحاب، ملاذ الكتاب، عماد الملة، خالصة الدولة، مشير الملوك والسلاطين، ولي أمير المؤمنين. والدعاء، ثم صدرت. والعلامة أخوه. وتعريفه: مدبر الممالك الشريفة بالشام المحروس.
قال: ولم يكتب لأحد بذلك بعده ولا قبله. ثم قال: واستقر في الدولة الناصرية حسن، الصاحب فخر الدين بن قروينة وزيراً بالشام أيضاً على قاعدة جده لأمه، أمين الدين المذكور. ولم أعلم ما كوتب به: هل كما كتب لجده المذكور أو دونه؟ وأما ناظر النظار، فقد ذكر في التثقيف: أن المكاتبة إليه: حرس الله تعالى مجد المجلس العالي القضائي، الكبيري، العالمي، الفاضلي، الكاملي، الأوحدي، الرئيسي، الأثيري، القوامي، النظامي، المنفذي، المتصرفي، العلامي؛ مجد الإسلام والمسلمين، سيد الرؤساء في العالمين، أوحد الفضلاء، جلال الكبراء، حجة الكتاب، صفورة الملوك والسلاطين، خالصة أمير المؤمنين. والدعاء ثم صدرت. والعلامة الاسم، وتعريفه: ناظر النظار بالشام المحروس.
قال في التثقيف: وهذا هو الذي استقر عليه الحال إلى آخر وقت.
الصنف الثاني: القضاء والعلماء:
قد ذكر في التعريف: أن المكاتبة لقاضي القضاة الشافعي بالشام بـ المجلس العالي ولم يذكر صورتها. قال في التثقيف: والذي كوتب به الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله؛ وهو قاضي القضاة بالشام: أعز الله تعالى أحكام المجلس العالي، القاضوي، الكبيري، العالمي، العاملي، الأفضلي، الأكملي، الأوحدي، البليغي، الفريدي، المفيدي، النجيدي، القدوي، الحجي، المحققي، الإمامي، الأصيلي، الموفقي، الحاكمي، الفلاني؛ جمال الإسلام والمسلمين، شرف العلماء العاملين، أوحد الفضلاء المفيدين، قدوة البلغاء، حجة الأمة، عمدة المحدثين، فخر المدرسين، مفتي المسلمين، جلال الحكام، حكم الملوك والسلاطين، ولي أمير المؤمنين. والدعاء ثم صدرت هذه المكاتبة. والعلامة أخوه. وتعريفه: قاضي القضاة بالشام المحروس.
ثم ذكر فيما بعد أنه كان يكتب في نعوته: صدر الشام، معز السنة، مؤيد الملة. قال التثقيف: وكانت مكاتبته شمس الشريعة، رئيس الأصحاب، لسان المتكلمين، ولم يعين مكانها. قال: وكتب بذلك إلى ولده قاضي القضاة تاج الدين السبكي، وهو قاضي القضاة بالشام غير مرة. ثم زيد في ألقاب أخيه الشيخ بهاء الدين عند استقراره في القضاء بالشام مكانه بعد القاضوي الشيخي وبعد المحققي الورعي، الخاشعي، الناسكي، الإمامي، العلامي، الأصيلي، العريقي. وزيد في تعريفه بعد جلال الحكام بركة الدولة.
النوع الثالث ممن يكاتب بالبلاد الشامية العربان:
قد تقدم في الكلام على أنساب العرب في المقالة الأولى، فيما يحتاج إليه الكاتب أن عرب الشام عدة بطون من عدة قبائل. وقد قال في التعريف: أنهم جل القوم وعين الناس، لا عناية للملوك إلا بهم، ولا مبالاة بغيرهم.
ونحن نذكر هنا ما يتعلق بالمكاتبات إلى أمرائهم ومشايخهم خاصة.
البطن الأول: آل فضل من آل ربيعة:
وقد تقدم أنهم من طيء، من كهلان، من العاربة. قال في التعريف: وآل فضل منهم هم الذين في نحر العدو، ولهم العديد الأكثر، والمال الأوفر. قال: وقد صاروا الآن أهل بيتين: بيت مهنا بن عيسى، وبيت فضل بن عيسى. قال: وهم في جوار الفرات. ولذلك يضاعف إكرامهم، وتوفر بهم الإقطاعات وتسنى. والإمرة الآن منهم في بيت معنا بن عيسى. وهو المعبر عنه بأمير آل فضل. وقد ذكر في التثقيف: أنه كان في زمانه قارا بن معنا، ثم كان في الدولة الظاهرية برقوق محمد نعير بن حيار بن مهنا بن عيسى بن معنا بن ماتع بن حديثة ابن عقبة بن فضل بن ربيعة، ثم استقر بعده في الدولة الناصرية فرج ابنه العجل، وهو المستقر إلى الآن.
قال في التعريف: ورسم المكاتبة إلى الأمير منهم: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري، بألقاب جليلة معظمة مفخمة. وذكر في التثقيف: أن رسم المكاتبة إليه: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري، الكبيري، العالمي، المجاهدي، المؤيدي، الأوحدي، النصيري، العوني، الهمامي، المقدمي، الظهيري، الأصيلي، الفلاني، عز الإسلام والمسلمين، شرف أمراء العربان في العالمين، نصرة الغزاة والمجاهدين؛ مقدم العساكر، كهف الملة، ذخر الدولة، عماد العرب، ظهير الملوك والسلاطين، حسام أمير المؤمنين. ثم الدعاء وصدرت هذه المكاتبة. والعلامة أخوه. وتعريفه: فلان بن فلان.
قال في التعريف: أما من هو نظيره أو مدانيه وعدته الإمرة، فرسم المكاتبة إليه: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي، ومن دونه: السامي الأميري. قال: ولكل هؤلاء العلامة الشريفة أخوه ولمن دون هؤلاء السامي الأمير والعلامة الشريفة الاسم الشريف.
وقد ذكر في التثقيف: أسماء جماعة من أكابر بيت معنا بن عيسى، وبيت فضل بن عيسى وذكر لكل منهم رسم مكاتبة.
فأما بيت مهنا المذكور، فهم خمسة: الأول منهم- عساف بن مهنا. ورسم المكاتبة إليه: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، الأمير، الأجل الكبير، الغازي، المجاهد، المؤيد، الأوحد، الأصيل؛ فلان الدين، مجد الإسلام، بهاء الأنام، فخر القبائل، زين العشائر، عماد الملوك والسلاطين والدعاء ثم صدرت والعلامة والده وتعريفه اسمه.
الثاني- عنقاء بن مهنا أخو عساف. مثله في المكاتبة على السواء.
الثالث- زامل بن موسى بن مهنا، صدرت والسامي. والعلامة والده وتعريفه اسمه.
الرابع- محمد بن حيار بن مهنا: وهو نعير، مثل عميه: عساف وعنقاء.
الخامس- علي بن سليمان بن مهنا. ذكر أنه كان يكاتب: السامي بالياء. والعلامة الاسم. وذكر أن أخاه عواداً لم يعلم أنه كوتب عن الأبواب السلطانية.
وأما بيت فضل، فذكر منهم معقل بن فضل، وقال: إن رسم المكاتبة إليه: السامي بالياء. والعلامة والده. ثم قال: ولم يكاتب الآن من بني فضل غيره، فإن أخويه: سيفاً وأبا بكر كانا يكاتبان عن الأبواب الشريفة، ثم توفيا إلى رحمة الله تعالى، ولم يبق من أكابر بني فضل غيره هو وأولاد أخويه، لكنهم لم يكاتبوا بشيء. فإن اتفق أن يكاتب من أولاد أخويه المذكورين أو من أولاد مهنا، مثل أولاد فياض، وبقية أولاد حيار ورميثة بن عمر بن موسى ونحوهم، فأعلاهم الاسم والسامي بغير ياء، وأدناهم الاسم ومجلس الأمير.
البطن الثاني: آل مرا:
قد تقدم في الكلام على أنساب العرب فيما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى، أن مرا وفضلاً أخوان. قال في التعريف: ومنازلهم بلاد حوران. وقد ذكر في التثقيف: أن الإمرة في زمانه كانت مقسومة نصفين بين عنقاء بن شطى ابن عمرو بن نونة، وعمه فضل بن عمرو بن نونة. ثم قال: ومكاتبة كل منهما صدرت والسامي. والعلامة والده وتعريفه: فلان بن فلان.
البطن الثالث: آل علي:
وقد تقدم في الكلام على الأنساب أنهم من آل فضل. قال في التعريف: وإنما نزلوا غوطة دمشق حيث صارت الإمرة إلى عيسى بن مهنا، وبقي عيسى جار الفرات في تلابيب التتار. قال في التعريف: ورسم المكاتبة إلى أميرهم صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير. والعلامة الشريفة أخوه. وقد ذكر في التثقيف: أن أميرهم في زمانه كان عيسى بن رملة ابن جماز. وقال: إن رسم المكاتبة إليه كما ذكر في التعريف وهي: صدرت والسامي لكنه ذكر أن العلامة والده وتعريفه: فلان بن فلان.
البطن الرابع: بنو مهدي:
وقد تقدم في الكلام على الأنساب أن منازلهم البلقاء من مضافات دمشق. قال في التعريف: والإمرة فيهم في أربعة، رسم المكاتبة إلى كل منهم مجلس الأمير. وذكر في التثقيف: أنها كانت ي زمانه باسم ببرو بن ذؤيب بن سعيد ابن محفوظ القيسي، وسعيد بن نجري بن حسن العقيسي، وزامل بن عبيد بن محفوظ العقيسي، ومحمد بن عباس بن قاسم بن محمد بن راشد العسري. وأن مكاتبة كل منهم مجلس الأمير كما تقدم في التعريف. ثم قال: ومن كان معه نصف الإمرة منهم، كانت مكاتبته الاسم والسامي بغير ياء؛ وتعريف كل منهم فلان بن فلان.
البطن الخامس: بنو عقبة:
وقد تقدم في الكلام على الأنساب أن مرجعهم إلى جذام، وأن منازلهم الكرك والشوبك. قال في التعريف: ورسم المكاتبة إلى أميرهم مثل أمير آل مرا. وكذلك رسم المكاتبة إلى أقاربه كرسم المكاتبة إلى أقارب أمير آل مرا أيضاً؛ فتكون مكاتبة أميرهم صدرت والسامي. ومكاتبة أعيان أقاربه السامي الأمير ولمن دونهم مجلس الأمير. وقد ذكر في التثقيف: أن إمرتهم في زمانه كانت باسم خاطر بن أحمد بن شطى بن عبيد. وذكر أن رسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء، وتعريفه: فلان بن فلان ولم يتعرض لأقربائه.
البطن السادس: جرم:
وقد تقدم في الأنساب أن مرجعهم إلى طيء، وأن منازلهم ببلاد غزة. وقد ذكر في التعريف: أن إمرتهم في زمانه كانت باسم فضل بن حجي. وذكر أن رسم المكاتبة إليه: مجلس الأمير. والذي ذكره في التثقيف: أن لهم مقدماً لا أميراص. وأنه كان في زمانه علي بن فضل. وذكر أن رسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء. وهذا عجب فإنه إذا كان أميراً ورسم المكاتبة إليه: مجلس الأمير فكيف يكون رسم المكاتبة إليه: السامي بغير ياء وهو مقدم، والإمارة فوق التقدمة بلا ريب.
قال في التعريف: وأما بقية عرب الشام، نحو زبيد المرج، وزبيد حوران، وخالد حمص، والمشارقة، وغزية إذا أطاعوا، وبيد الأحلاف، فأجل كبرائهم وأشياخهم من يكتب له مجلس الأمير. وذكر في التثقيف: نحوه، ثم قال: هذا إن انفرد أحد منهم بالمكاتبة، وإلا فالعادة أن يكتب لكل طائفة من هؤلاء مطلق شريف. ثم قال: على أنه لم تجر العادة بمكاتبة أحد من هؤلاء القبائل، لا على الانفراد ولا على الاجتماع. وهذا كلام متناقض؛ حيث يقول: إن العادة أن يكتب لكل طائفة منهم مطلق شريف، ثم يقول: إن العادة لم تجر بمكاتبة أحد منهم لا على الانفراد ولا على الاجتماع.
قلت: وقد تقدم الكلام على أنساب جميع هذه البطون وأماكنها مستوفى في الكلام على الأنساب في المقالة الأولى. ووقع بسط الكلام على ذلك وغيره في كتابنا المسمى نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب.
النوع الرابع ممن يكاتب بالممالك الشامية: التركمان:
قد تقدم ذكر نسب التركمان في الكلام على أنساب الأمم في المقالة الأولى. وقد ذكر في التثقيف: أن التركمان بهذه المملكة طوائف كثيرة، وجامعة كبيرة. ثم قال: وغالبهم لا يكتب إليه إلا إذا ضمهم مطلق شريف. فإن كتب إلى أحد من أعيانهم، كتب إليه الاسم والسامي بغير ياء إن كان طبلخاناه؛ وإن كان عشرة أو عشرين، كتب إليه الاسم ومجلس الأمير لا غير، ثم أخلى بياضاً متسعاً ولم يصرح باسم أحد مهم. ثم ذكر في الكلام على تركمان البلاد الشرقية عدة طوائف، عد منهم الأوسرية، وقال: هم تركمان حلب، والورسق. وقال: وهم تركمان طرسوس، ولم يتعرض لمواضع غيرهم. وسيأتي كلامه مستوى عند الكلام على تركمان البلاد الشرقية إن شاء الله تعالى.
النوع الخامس ممن يكاتب بالممالك الشامية: الأكراد:
وقد تقدم ذكر نسبهم في الكلام على أنساب الأمم في المقالة الأولى. وقد ذكر في التثقيف: أن بهذه المملكة منهم طوائف كثيرة كالتركمان، وأن غالبهم لا يكتب إليه إلا إذا ضمهم مطلق شريف، وأنه إن كتب لأحد من أعيانهم، كتب له الاسم والسامي بغير ياء، إن كان طبلخاناه. وإن كان أمير عشرة أو عشرين، كتب إليه ومجلس الأمير كما تقدم في التركمان من غير فرق.
القسم الثالث من يكاتب بالبلاد الحجازية:
والمعتبر في المكاتبين منهم ثلاثة:
الأول- أمير مكة المعظمة: وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك ذكر أمرائها من ابتداء الإمرة وهلم جرا إلى زماننا، والقائم بها الآن حسن بن أحمد بن عجلان.
ورسم المكاتبة غليه على ما ذكره في التعريف: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، العضدي، النصيري، الذخري، الغوثي، المفيدي، الأوحدي، الظهيري، الزعيمي، الكافلي، الشريفي، الحسيبي، النسيبي، الأصيلي، الفلاني؛ عز الإسلام والمسلمين، سيد الأمراء في العالمين، جلال العترة الطاهرة، كوكب الأسرة الزاهرة؛ فرع الشجرة الزكية، طراز العصابة العلوية؛ ظهير الملوك والسلاطين، نسيب أمير المؤمنين، ثم الدعاء المعطوف. وبعده صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي بالسلام والثناء وتوضح لعلمه الكريم كذا وكذا.
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التثقيف: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي، الأميري، الكبيري، الشريفي، الحسيبي، النسيبي، العالمي، المجاهدي، المفيدي، الأوحدي، النصيري، العوني، الهمامي، المقدمي، الظهيري، الأصيلي، العريقي، الفلاني؛ عز الإسلام والمسلمين، شرف الأمراء في العالمين، نصرة الغزاة والمجاهدين، كهف الملة، عون الأمة، فخر السلالة الزاهرة، زين العترة الطاهرة، بهاء العصابة العلوية، جمال الطائفة الهاشمية، ظهير الملوك والسلاطين، نسيب أمير المؤمنين ثم الدعاء وصدرت.
وهذا دعاء وصدر يليق به ذكره في التعريف: ولا زال حرمه أميناً، ومكانه مكيناً، وشرفه يبيض له بمجاورة الحجر الأسود عند الله وجهاً ويضيء جبيناً. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تحمل إليه سلاماً تميل به الركائب، وثناء تثني على مسكه الحقائب، وشوقاً أوسق قلبه لمن نسكه مع الحبائب، وتوضح لعلمه الكريم.
صدر آخر: ومتعه بجوار بيته الكريم، وزاد بجميل مساعيه شرف نسبه الصميم، وآنسه بقرب الحجر الأسود والركن والحطيم. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاماً، وثناء تطيب به الصبا قبل أن تحمل شيحاً أو خزامى، وتوضح لعلمه الكريم.
صدر آخر: وأراه مناسكه، وآنس بالتقوى مسالكه، وأشهد على عمله الصالح بطحاءه وما ينزله من الملائكة. صدرت هذه المكاتبة بتحياتها المباركة، وأثنيتها التي لا تزال إليه بها أفئدة من الناس سالكة، وتوضح لعلمه الكريم.
الثاني- أمير المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
وقد تقدم في الكلام على أمرائها في المسالك والممالك من المقالة الثالثة أن إمارتها مستقرة في بني الحسين، وأنها الآن في بني جماز بن شيحة، وأن جدهم كان فقيهاً بالعراق، فقدم على السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله، فولاه المدينة فاستقرت فيها قدمه ثم قدم بنيه، وأن القائم بها الآن ثابت بن جماز بن هبة بن جماز بن منصور بن جماز بن شيحة بن نعير.
ورسم المكاتبة إليه كرسم المكاتبة إلى أمير مكة على الاختلاف السابق في النقل عن التعريف، والتثقيف. فقد ذكر كل منهما رسم المكاتبة إلى أمير مكة. ثم قال: ورسم المكاتبة إلى أمير المدينة كذلك.
وهذا صدر مكاتبة يليق به، وهو: ولا زال في جوار الله ورسوله، ومهبط الوحي ونزوله، ومكان يردد فيه من أبويه الطاهرين بين حيدره وبتوله. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي بسلام يحدو ركابها، وثناء يزين في قبا قبابها، وشوق إلى رؤيته في الروضة التي طالما استسقى فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم سحابها توضح لعلمه الكريم كذا وكذا.
صدر آخر: وزاده من الله ورسوله قرباً، وأكد له بحماية حرمه حباً، وأبهجه كلما رأى جده رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاور آلاً وجالس صحباً. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي مطربة بالسلام، مطنبة في ثنائه المفصل النظام، وتوضح لعلمه الكريم.
الثالث- النائب بالينبع.
وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنها في بني حسن أيضاً. قال في التثقيف: ورسم المكاتبة إليه: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير. والعلامة الاسم، وتعريفه: النائب بالينبع.
أما سائر العربان بالحجاز فقد ذكر في التثقيف: أن لنبي حسن القوام بمكة مجالس الأمراء. والعلامة الاسم. ومن عدا بني حسن فقد ذكر في التعريف: أنهم على ضربين:
الضرب الأول- أهل الدربين: المصري والشامي. قال: وليس فيهم من هو في عير ولا نفير، ولا يحل في ذروة ولا غارب؛ وأجل من فيهم إذا كتب له مجلس الأمير كان كمن سور وطوق، لا بل طيلس وتوج.
الضرب الثاني- شيوخ لام، وخالد، والمنيفق، وعائذ الحجاز. قال: وهؤلاء من كان منهم المشار إليه كتب إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري والعلامة أخوه. ثم من يليهم بالسامي بغير ياء. ثم الأعيان من بقيتهم مجلس الأمير.